نشأته وحياته
ولد عبد الرحمن سلام (بتخفيف اللام) في بيروت سنة 1868م، وتلقى علومه الابتدائية في إحدى مدارسها، فأتقن مبادئ الفقه وشيئًا من اللغة العربية والحساب والخط، ثم لازم حلقات الشيوخ في المساجد وتابع روَّاد اللغة العربية وآدابها، وأكبّ على دواوين الشعراء في الجاهلية والإسلام فحفظ الكثير منها، وتعلَّم إضافة إلى ذلك اللسان التركي وأتقن الكلام بهذه اللغة. ووقف مواهبه على العربية وآدابها وتعمق فيها إلى أن أصبح من أئمّتها.
تولَّى القضاء في قلقيلية في فلسطين من 1896م حتى 1900م، انتقل بعدها إلى بيروت وتولَّى رئاسة الكتَّاب في المحكمة الشرعية، وأسَّس (المدرسة العلمية) في بيروت.
في سنة 1908م أسَّس بالاشتراك مع محمد علي القباني صحيفة (روضة المعارف) في بيروت، ورأس تحريرها. وفي سنة 1910م رأس (جمعية السلام لتعليم فقراء الأيتام).
وفي سنة 1911م انتُخب الشيخ سلام عضوًا في (اللجنة الصحفية) في لبنان، وعُهد إليه أمانة صندوقها. وفي هذه السنة أيضًا أصدر في بيروت جريدة فكاهية أسبوعية بعنوان (القلم العريض) ما لبث أن أغلقها وانتقل إلى دمشق.
وفي سنة 1912م بدأ يعمل في دمشق في التدريس والخطابة والإمامة، وافتتح فيها متجرًا لبيع الكتب والمخطوطات، واتصل بعلماء دمشق ووجهائها وأعيانها. وفي سنة 1914م انتقل الشيخ عبد الرحمن سلام إلى حمص، وعُين أستاذًا للأدب العربي في (الكلية الوطنية) بحمص.
وفي سنة 1916م اختير الشيخ عبد الرحمن سلام أستاذًا للعربية وآدابها في (المدرسة الصلاحية) في القدس، ودرَّس فيها مدة سنتين.
وفي سنة 1918م نُمي إلى جمال باشا السفاح بأن الشيخ عبد الرحمن ألّف جمعية تدعو لإنشاء دولة عربيّة موحّدة، فأمر بأن يُبعد إلى دمشق ماشيًا على قدميه مخفورًا وموثوق اليدين، فسيق الشيخ إلى دمشق ووُضع سجينًا في قلعتها. ولـمَّا دخل الأمير فيصل إلى دمشق في 3/10/1918م أفرج عنه وجعله من مستشاريه وأجابه إلى طلبه في تأسيس (النادي العربي).
وفي سنة 1919م عُين الشيخ سلام مميِّزًا لأوقاف سورية، وأستاذًا للغة العربية وآدابها، ولعلم البلاغة والعروض في (مكتب عنبر)، وفي (مدرسة التجهيز)، وفي (دار المعلمين)، وظلّ قائمًا بتدريس هذه المواد حتى 1924م. قال عنه الشيخ علي الطنطاوي (تلميذه في مكتب عنبر): "كان نادرة الدنيا في طلاقة اللسان، وفي جلاء البيان، ولقد عرفتُ من بعده لُسُن الأدباء، ومصاقع الخطباء، فما عرفت لسانًا أطلق ولا بيانًا أجلى".
وفي سنة 1925م عاد الشيخ عبد الرحمن إلى بيروت، ودرَّس في الكلية العثمانية الإسلامية في بيروت.
وفي سنة 1930م عُين مدرّسًا في مدارس المقاصد الخيرية، وبعد سنتين عُين أمينًا للفتوى، وظل يشغل هذا المنصب إلى حين انتقاله إلى جوار ربه في 5 جمادى الآخرة 1360هـ الموافق 29 حزيران 1941م.
الشيخ عبد الرحمن سلام المجمعي
انتُخب الشيخ عبد الرحمن سلام عضوًا مراسلًا في المجمع العلمي العربي بدمشق في 13/6/1921م، وكان يحضر اجتماعات (مجلس المجمع)؛ فقد كانت تقاليد المجمع آنذاك تسمح للأعضاء غير العاملين بحضور جلسات (مجلس المجمع). ثم انتُخب عضوًا عاملًا في المجمع في 13/6/1922م.
ألقى في ردهة المجمع محاضرتين: (الشعر وتأثيره في الأخلاق-1921م)، و(الشعر أو حرفة الأدب-1922م).
من آثاره
أولًا: الكتب
الأذواء (ردٌّ شعري حول الخلاف بين النصارى والمسلمين يزيد على 3000 بيت من قافية واحدة وبحر واحد).
الرياضة البدنية، تأليف سليم سري، تصحيح عبد الرحمن سلام، وزارة المعارف، دمشق، 1922م.
المتن والمكن.
النظم المفيد في علم التجويد، بيروت، 1889م.
بدائع الشعر في الحماسة والفخر، جمعه بشير أفندي رمضان، علَّق عليه عبد الرحمن سلام تعليقات حلَّ بها غريبه وأوضح مبهمه.
خزانة الفوائد (وفيه ألف فائدة لغوية).
دفع الأوهام بقلم ابن سلام (ردٌّ لغويٌّ على كتاب لغة الجرائد لإبراهيم اليازجي)، المطبعة الأدبية، بيروت، 1899م، ثم طبعه حفيده بهاء الدين سلام ضمن كتابه (عالم من بيروت)، دار البشائر الإسلامية، بيروت، 2005م.
ديوان النابغة الذبياني (باعتناء عبد الرحمن سلام)، المكتبة الأهلية، بيروت، 1929م.
شرح ديوان الرصافي.
غاية الأماني في علم المعاني (نظمًا وشرحًا).
كتاب الصافي في علمي العروض والقوافي (نظمًا وشرحًا).
منظومة في الردّ على الأب نقلا غبرييل.
ثانيًا: المقالات
نشر الشيخ عبد الرحمن سلام عددًا من المقالات في عدد من الصحف اللبنانية والعربية؛ منها: (روضة المعارف)، و(القلم العريض)، و(الكفاح العربي)، و(مجلة العرفان).
مصادر ترجمته
إضبارة الشيخ عبد الرحمن سلام المحفوظة في مجمع اللغة العربية بدمشق.
أعلام الأدب والفن (ج2)، أدهم الجندي، مطبعة الاتحاد، دمشق، 1958م.
الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، 2002م.
البيروتيين: حكاياتهم، أمثالهم، ووقائع أيامهم، عبد اللطيف فاخوري، مؤسسة دار الريحاني للطباعة والنشر، بيروت، 2009م.
تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري، محمد مطيع الحافظ ونزار أباظة، دار الفكر، دمشق، 1986م.
دمشق: صور من جمالها وعبر من نضالها، علي الطنطاوي، دار الفكر، دمشق، ط2، 1987م.
ذكريات (الجزء الأول)، علي الطنطاوي، دار المنارة، جدة، 1982م.
عالم من بيروت: الشيخ عبد الرحمن سلام: لمحات من حياته وشيء من آثاره ومعه دفع الأوهام بقلم ابن سلام، بهاء الدين سلام، دار البشائر الإسلامية، بيروت، 2005م.
عبد الرحمن سلام، خير الله الشريف، الموسوعة العربية، المجلد الحادي عشر.
عبد الرحمن سلام، محمد مطيع الحافظ ونزار أباظة، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، مج62، ج4، 1987م.
عبد الرحمن سلام، موقع أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية.
العلامة الأديب الشيخ عبد الرحمن سلام، إياد خالد الطباع، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2018م.
مجمع اللغة العربية بدمشق - تعريف تاريخي، مازن المبارك، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2009م.
مصادر الدراسة الأدبية، يوسف أسعد داغر، المكتبة الشرقية، بيروت، 1972م.
معجم الأدباء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م، كامل سلمان جاسم الجبوري، دار الكتب العلمية، 2002م.
معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، مكتبة المثنى ودار إحياء التراث العربي، بيروت، 1957م.
مكتب عنبر (المقدمة)، ظافر القاسمي، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1964م.
موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين (ج2)، سليمان سليم البواب، مؤسسة المنارة، دمشق، ط1، 2000م.
نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر، يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي، دار المعرفة، بيروت، ط1، 2006م.
نشأته وحياته
ولد محمد أمين بن محمد الدمشقي الشهير بسويد، في دمشق سنة 1855م. تلقى علوم العربية والدين من علماء عصره: الشيخ عبد الغني الغُنيمي والشيخ بدر الدين الحسني والشيخ سليم العطّار والشيخ محمد الطيّب وغيرهم.
رحل إلى مصر وهو في ريعان شبابه، وتلقى العلم في الأزهر زهاء خمس سنوات، عاد بعدها إلى دمشق، وابتدأ يلقي دروسًا في الفقه وأصوله، فذاع صيته واشتهر، واعترف له العلماء بالتمكن من علوم الشريعة، وبالتفوق في أصول الفقه، فكلفته الحكومة العثمانية تدريسَ الفقه الحنفي في جامع درويش باشا بدمشق، ومنحته بعدها بعض الرتب العلمية العالية، وغدت غرفته في دار الحديث بدمشق محجَّ طلاب العلم.
قام برحلات عديدة إلى تركيا والهند وإيران وبخارى واليمن والمغرب للاطلاع على أحوال مختلف البلاد الإسلامية وللاستزادة من معارفه، وشارك في تأسيس (مدارس الفلاح) في الهند والحجاز.
وفي سنة 1915م اختير للتدريس في مدرسة (الكلية الصلاحية) في القدس لتخريج القضاة والمدرسين، فظل يدرّس فيها إلى أن أُغلقت باحتلال الإنكليز فلسطين، فقفل الشيخ راجعًا إلى دمشق.
وفي سنة 1921م عُهد إليه تدريس أصول الفقه في معهد الحقوق العربي بدمشق.
وفي سنة 1925م قصد الشيخ سويد لبنان فأقام بها بضعة أشهر، ثم ارتحل عنها إلى الأردن، ثم قصد فلسطين وأقام في مدينة الخليل، ثم كُلّف التدريس بدار المعلمين في القدس فانتقل إليها.
ثم كُلّف التدريس في مكة المكرمة فأقام فيها سنة دراسية واحدة (1928 - 1929م)، ثم غادرها إلى الهند للإشراف على (مدارس الفلاح) فيها وللتدريس في مدرسة بومباي.
وفي سنة 1933م عاد إلى دمشق ليستقر فيها، فعاد إلى التدريس والوعظ في مسجد زيد بن ثابت إلى أن اختاره الله إلى جواره يوم الأربعاء في 20 شعبان سنة 1355 هـ الموافق 4 تشرين الثاني 1936م.
الشيخ أمين سويد المجمعي
حين قامت الحكومة العربية بدمشق سنة 1918م استدعت الشيخ أمين سويد وكلَّفته مع أربعة آخرين رعايةَ شؤون اللغة العربية ونشْرَ الثقافة اللغوية بين موظفي الدولة ووضْعَ المصطلحات العربية للكلمات التركية المتداولة بينهم، وعيَّنته بتاريخ 28 تشرين الثاني 1918م عضوًا في (الشعبة الأولى للترجمة والتأليف) التي أصبحت (ديوان المعارف)، ثم حُوّلت لتصبح (المجمع العلمي العربي)، فكان الشيخ سويد من مؤسسيه الأوائل، وحضر الجلسة الأولى للمجمع بتاريخ 30 تموز 1919م.
شارك الشيخ سويد زملاءه المجمعيين في رسم النهج الذي اختطه المجمع لنفسه لتحقيق أغراضه في خدمة العربية والنهوض بها.
ولما غادر الشيخ أمين سويد دمشق سنة 1925م تخلى عن العمل المجمعي، وصار في عداد الأعضاء المراسلين للمجمع.
آثاره
لم يُعثر من آثار الشيخ أمين سويد على سوى مخطوطتين: الأولى (تسهيل الحصول على قواعد الأصول) وهي رسالة في علم أصول الفقه، طبعتها دار القلم بتحقيق الدكتور مصطفى الخن سنة 1991م، والأخرى بعنوان (علوم القرآن وأصوله) وهي رسالة في اختصار كتاب الإتقان للسيوطي.
ومن آثاره التي فقدت: (رسالة في تاريخ القدس) عكف على كتابتها عند إقامته في فلسطين، و(تلخيصات) صنعها عندما كُلّف التدريس في معهد الحقوق العربي.
إضبارة الشيخ أمين سويد المحفوظة في مجمع اللغة العربية بدمشق.
الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، 2002م.
تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري، محمد مطيع الحافظ ونزار أباظة، دار الفكر، دمشق، 1986م.
الشيخ محمد أمين سويد الدمشقي، أبو بكر بن أحمد بن حسين بن محمد بن حسين الحبشي العلوي، الدليل المشير إلى فلك أسانيد الاتصال بالحبيب البشير، المكتبة المكية، 1997م.
الشيخ محمد أمين سويد، خير الله الشريف، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2015م.
المجمع العلمي العربي - مجمع اللغة العربية بدمشق في خمسين عامًا، عدنان الخطيب، مطبعة الترقي، 1969م.
المجمعيون الأوائل في المجمع العلمي العربي بدمشق، مازن المبارك، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2015م.
مصادر الدراسة الأدبية، يوسف أسعد داغر، المكتبة الشرقية، بيروت، 1972م.
معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، مكتبة المثنى ودار إحياء التراث العربي، بيروت، 1957م.
منتخبات التواريخ لدمشق، محمد أديب تقي الدين الحصني، دار البيروني للطباعة والنشر، 2002م.
موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين (ج2)، سليمان سليم البواب، مؤسسة المنارة، دمشق، ط1، 2000م.
نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر، يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي، دار المعرفة، بيروت، ط1، 2006م.
الأستاذ عبد الله رعد المجمعي
انتُخب الأستاذ عبد الله رعد عضوًا في المجمع العلمي العربي في الجلسة المنعقدة بتاريخ 30 آب 1922م، وألقى في حفلة استقباله كلمة تحدث فيها عن (الحبشية والعربية).
ألقى في ردهة المجمع ستَّ محاضرات (نُشر بعضها في مجلة المجمع):
الحركة الدائمة (1923م).
سويسرا في إفريقية أو بلاد النجاشي (1923م).
بحيرة سانا أو معضلة النيل (1928).
وكتب في مجلة المجمع سنة 1924م عدة مقالات، بعضها تحت عنوان (الألفاظ الحبشية في اللغة العربية)، وترجم مقالًا بعنوان (الدروس العربية في فرنسة) لكاتبه كليمان هوار نُشر في مجلة المجمع سنة 1925م في: المجلد الخامس، الجزء الرابع، الصفحات (157 - 178).
وكتبَ في مجلة المجمع أيضًا أكثر من 20 تعريفًا بكتب وردت إلى المجمع، وذلك في السنوات (1924 - 1935م)؛ منها:
أحاديث الزواج في مصر
أسماء النبات
الانتدابات في العراق وسورية
تاريخ مملكة الحبشة
التعاون
الثورة الإفرنسية
جمهورية أفلاطون
حياة بوذة
خمسة أعوام في شرقي الأردن
درس في وادي النطرون
دروس التاريخ القديم
الرسائل الضائعة
رياحين الأرواح
سورية في فجر التاريخ
العفو عند المقدرة
الفضيلة الملثمة
فن التعريب عن اللغة الفرنسوية
الكتاب السنوي للمجمع المصري
الكنائس الشرقية البيزنطية
المسك الأزفر
المسيح المخلّص والثورة اليهودية
منابت الصهيونية
ونشر في (مجلة المشرق) البيروتية في السنوات (1906 - 1912م) جملة مقالات منها:
حكومة الحبش.
رحلتي إلى الشوا أو من هرر إلى أديس أبابا عن طريق التشرشر.
صفحة من التاريخ الحبشي والنوبي- رسالة نجاشي الحبشة إلى جرجس ملك النوبة
الكلندار الحبشي
مصالح دول أوربة على ساحلي البحر الأحمر
مصالح دول أوربة على ساحلي البحر الأحمر- لمحة تاريخية
وفاته
جاء في مجلة المجمع العلمي العربي [المجلد 14 الجزء 2 الصفحة 77] تحت عنوان (وفيات):
الأستاذ (الفارس) عبد الله رعد توفي إلى رحمة مولاه الأستاذ عبد رعد عضو مجمعنا العلمي يوم الأربعاء 6 ذي القعدة 1354 = 29 كانون الثاني 1936، على أثر مرض ألحّ عليه ولم يمهله طويلًا. كان الأستاذ الذي نؤبنه اليوم من العارفين باللغة الحبشية، كتب عنها وحاضر فيها. وستنشر هذه المجلة ترجمة حياته. والمجمع العلمي يعزِّي أهله وإخوانه بوفاته. |
لكن مجلة المجمع لم تنشر بعد ذلك ترجمة حياة عبد الله رعد.
مصادر ترجمته
إضبارة الأستاذ عبد الله رعد المحفوظة في مجمع اللغة العربية بدمشق.
عبد الله رعد، موقع أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية.
نشأته وحياته
ولد سعيد بن علي الكرمي في (طولكرم) من أعمال فلسطين سنة 1852م، في أسرة فلسطينية، هاجر جدُّها الأول إلى فلسطين من مصر.
تلقى تعليمه الأولي في طولكرم، ثم بعثه والده إلى مصر للالتحاق بالجامع الأزهر، حيث درس فيه علوم العربية والدين، وحضر دروس الإمام محمد عبده، واتصل بالشيخ جمال الدين الأفغاني.
ثم عاد الشيخ الكرمي إلى فلسطين وانتسب إلى سلك التعليم، ثم عُين مفتشًا للمعارف في قضاء بني صعب، ثم تولى الإفتاء في قضاء طولكرم. وانتسب إلى جمعية (حزب اللامركزية العثماني)، وأخذ يعمل في سبيل تحقيق أغراضها في طولكرم وفي غيرها من مدن فلسطين.
وفي سنة 1914م أخذت السلطات العسكرية في ديار الشام تلاحق شباب العرب ومفكريهم للقضاء على فكرة (الثورة العربية). وكان الشيخ سعيد الكرمي في عداد من سيق أمام المجلس العرفي في (عاليه) سنة 1915م، وحُكم عليه بالإعدام، غير أنه نجا من الموت لأن سِنَّه تجاوزت الرابعة والستين.
وفي سنة 1918م أصدرت السلطات العثمانية عفوًا عامًّا خرج الشيخ سعيد الكرمي على إثره من سجنه في قلعة دمشق، وأقام في دمشق مدة ثم قفل راجعًا إلى فلسطين.
وفي سنة 1922م دعته الحكومة العربية في شرقي الأردن لتسلم منصب قاضي القضاة ووكيل الأمور الشرعية، فغادر دمشق إلى عمان. وظل الكرمي يشغل هذا المنصب حتى نهاية 1926م، حيث اعتزل المناصب الحكومية، وعاد إلى طولكرم وعاش فيها إلى أن انتقل إلى جوار ربه يوم الإثنين في 13 ذي الحجة 1353هـ الموافق 18 آذار 1935م، ودُفن في ثراها.
الشيخ سعيد الكرمي المجمعي
كان الكرمي من الأوائل الذين حملوا عبء النهوض بالعربية وإصلاح لغة الدواوين، فكان من أعضاء (الشعبة الأولى للترجمة والتأليف) الذين عُينوا بتاريخ 8 آذار 1918م، ثم أصبح عضوًا في (ديوان المعارف) الذي انقلب إلى (المجمع العلمي العربي) بتاريخ 8 حزيران 1919م، وكان من حاضري الجلسة الأولى للمجمع في 30 تموز 1919م.
عمل الشيخ سعيد الكرمي مع زملائه في إقامة المجمع على أسس متينة، ولما أُسند منصب وزير المعارف إلى الأستاذ الرئيس محمد كرد علي (رئيس المجمع) تولَّى الشيخ الكرمي نيابة رئاسة المجمع، فأدار أعمال المجمع ودارَي الآثار والكتب الظاهرية مدة سنتين على أحسن وجه، وأشرف على إصدار مجلة المجمع في مجلدَيْها الأولَين (سنة 1921م وسنة 1922م) وشارك في تحريرهما؛ فنشر فيهما:
9 مقالات؛ منها: (الإعلام بمعاني الأعلام)، و(اللغة والدخيل فيها).
6 تعريفات بالكتب الواردة إلى المجمع.
وألقى في المجمع محاضرتين:
صناعة الإنشاء العربي - 1921م.
وفي سنة 1921 منحته السلطة الفرنسية المنتدبة وسام جوقة الشرف من رتبة فارس تقديرًا له وللمجمع العلمي العربي.
وظل الكرمي يوالي إدارة المجمع مشاركًا في تحرير مجلته إلى نهاية شهر نيسان 1922م، يوم غادر دمشق إلى عمان معتزلًا وظيفته في المجمع، على أنه ظل عضوًا مراسلًا له في كلٍّ من شرقي الأردن وفلسطين.
من آثاره
كان الشيخ سعيد الكرمي من طلائع رجال النهضة العربية المعاصرة، فقيهًا بالدين وباللغة وعالمًا بأسرارهما، أديبًا يحسن الخطابة والاستشهاد، ناثرًا يحب السجع، ويقرض الشعر وله قصائد يحاكي فيها شعراء الجاهلية بالجزالة والصور البدوية، وله شِعرٌ من قبيل الموشحات، ونَظمٌ في تسهيل النحو وبعض علوم العربية، وكان يُعنى بنظم شعر التأريخ.
أما آثار الكرمي العلمية فقليلة لا تتناسب مع منزلته العلمية ومكانته الاجتماعية، وذلك لاشتغاله بالشؤون السياسية وتسنُّمه المناصب الحكومية الرفيعة وانشغاله بها. على أنه ألَّف في صدر شبابه رسالة في التصوف بعنوان (واضح البرهان في الرد على أهل البهتان).
مصادر ترجمته
إضبارة الشيخ سعيد الكرمي المحفوظة في مجمع اللغة العربية بدمشق.
أعلام الأدب والفن (ج1)، أدهم الجندي، مطبعة مجلة صوت سورية، دمشق 1954م.
الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، 2002م.
الدرس اللغوي في النصف الأول في القرن العشرين، ميمونة عوني، دار غيداء للنشر والتوزيع، ط1، 2016م.
سعيد الكرمي، موقع أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية.
الشيخ سعيد الكرمي: سيرته العلمية والسياسية، عبد الكريم الكرمي، 1973م.
الشيخ سعيد الكرمي، أحمد حامد، نابلس، مكتبة الجمعية العلمية، 1413هـ.
كلمة عمر شابسيغ في حفلة استقباله يتحدث فيها عن سلفه سعيد الكرمي، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، مج84، ج3، 2009م.
مجلة الأديب، حزيران، 1968.
المجمع العلمي العربي - مجمع اللغة العربية بدمشق في خمسين عامًا، عدنان الخطيب، مطبعة الترقي، 1969م.
المجمعيون الأوائل في المجمع العلمي العربي بدمشق، مازن المبارك، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2015م.
معجم الأدباء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م، كامل سلمان جاسم الجبوري، دار الكتب العلمية، 2002م.
معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م، كامل سلمان جاسم الجبوري، دار الكتب العلمية، 2003م.
معجم المؤلفين المعاصرين، محمد خير رمضان يوسف، الرياض، 2004م.
معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، مكتبة المثنى ودار إحياء التراث العربي، بيروت، 1957م.
نشأته وحياته
ولد سليم بن روفائيل بن جرجس بن جبرائيل العنحوري في دمشق في 21 أيار 1856م، لأسرة اشتهرت بالعلم والفضل في سورية ومصر. و(عنحوري) نسبة إلى بلدة (عَين حُوْر) التابعة لمدينة الزبداني من ريف دمشق. ولما بلغ الرابعة من عمره خُطف في فتنة 1860م، ثم عَثر عليه أهلُه بعد شهر، فأخذوه إلى بيروت ليدرس فيها، ثم عادوا به بعد عام إلى دمشق ليدرس في المدرسة البطريركية للروم الكاثوليك.
لم يُكمل الشاب سليم دراسته بسبب وفاة والده، فاضطر إلى العمل لمساعدة أسرته (المؤلفة من 7 أفراد)، وتابع الدراسة والمطالعة بمفرده بجهد دؤوب، يشتغل نهارًا ويدرس ليلًا، حتى إنه ينام والمصباح مُوقدٌ بين يديه، وكثيرًا ما أحرق ما حوله من الأوراق بانقلابه عليها. وأكثَرَ من الدرس والمطالعة حتى أتقن التركية والحساب والتاريخ والآداب العربية وألَـمَّ بالفرنسية، واتصل في أثناء ذلك بالعلَّامتين بطرس البستاني وولده سليم، ودأب على مجالسة الأدباء ومراسلة العلماء.
وفي سنة 1873م نُصّب رئيسًا لقلم الجنايات في مجلس عكا التمييزي، فأقام في عكا ثلاث سنوات.
وفي سنة 1876م ترك عكا وعاد إلى دمشق، وعُين كاتبًا لمحاسبة لواء حوران، ثم حُوّلت وظيفته إلى اللاذقية، وصار يحرّر في جريدة (سورية)، وألَّف في هذه الأثناء كتاب (كنز الناظم).
وفي سنة 1878م رحل إلى الإسكندرية ثم إلى القاهرة، واتصل بآل تقلا أصحاب جريدة (الأهرام) وبجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورياض باشا وعلي باشا مبارك، وقدَّم كتابه (كنز الناظم) إلى الخديوي إسماعيل، فرخَّص له إنشاء (مطبعة الاتحاد) وجريدة (مرآة الشرق).
عاد العنحوري إلى دمشق لما عُين مدحت باشا واليًا على سورية، وصار محررًا لمقاولات الولاية. وبحكم تمرُّسه بقوانين الدولة وأنظمة العدلية أصبح كاتبًا للمدَّعي العام.
وفي سنة 1879م تولَّى تحرير القسم العربي بصحيفة (دمشق) السياسية الأسبوعية. ثم أصدر سنة 1885م مجلة (مرآة الأخلاق). واحترف المحاماة سنة 1890م، وعمل في تحرير صحيفة (الشام).
ثم درج على أن يقضيَ فصل الشتاء بالقاهرة أعوامًا عديدة، وأصدر فيها مجلة (الشتاء) سنة 1906م. وفي دمشق شارك في تحرير صحيفة (العصر الجديد) اليومية سنة 1908م، وسُمّي سنة 1912م رئيسًا لتحرير صحيفة (المشكاة).
في سنة 1914م نُفي العنحوري إلى الأناضول، وبقي هناك حتى نهاية 1918م، ونَظَم في أثناء ذلك ثلاثةً من دواوينه الشعرية.
وفي سنة 1921م اختير عضوًا في مجلس الشورى السوري.
حصل على عدد من الأوسمة العثمانية والمصرية تقديرًا لأدبه وإنجازاته؛ ففي سنة 1894م مُنح الوسام المجيدي الثالث، ولما شخص إلى الآستانة سنة 1895م نال الرتبة الثالثة ثم شخص إليها ثانية سنة 1898م فنال الرتبة الثانية ولَقَبَ (بك) والوسام العثماني الثالث.
ونال فوق الأوسمة العثمانية أوسمة أجنبية؛ منها: وسام القديس سلفسترس والقديس بطرس من قداسة البابا، ورتبة ضابط من جمعية الصليب الأحمر، ووسام الافتخار التونسي.
توفي الأستاذ سليم عنحوري يوم الإثنين في 18 ربيع الأول 1352هـ الموافق 10 تموز 1933م، ودفن في مقبرة الروم الكاثوليك في دمشق.
الأستاذ سليم عنحوري المجمعي
الأستاذ سليم عنحوري أحد الأعضاء العاملين الأوائل في المجمع العلمي العربي بدمشق الذين حضروا الجلسة الأولى للمجمع بتاريخ 30 تموز 1919م. وكان من أكثرهم نشاطًا في ملاحقة الأخطاء اللغوية ونقد أصحابها ومرتكبيها.
نشر في مجلة المجمع العلمي العربي ما يقرب من 20 مقالًا في المدة (1924 - 1931م)؛ منها: (المثنَّيات التي لا تفرد)، و(النحت والاختزال)، و(ألقاب البلاد)، و(القديم والحديث)، و(الكَرَم وتأثيره في عالم الاجتماع - محاضرة)، و(ديوان ذي الرُّمَّة).
وألقى في المجمع محاضرة بعنوان (الكرم وتأثيره في عالم الاجتماع) سنة 1923م.
اختير الأستاذ العنحوري عضوًا في المجمع العلمي الإيطالي، وفي مجمع الفنون والآداب البلجيكية.
من آثاره
أولًا: في فقه اللغة
(كنز الناظم ومصباح الهائم)، ويسمَّى أيضًا: (القلائد الدُّرّية في فرائد اللغة العربية)، وهو معجم للمترادفات في ثمانية مجلدات، طبع في بيروت سنة 1878م.
ثانيًا: في الشعر
آية العصر-طبع بمطبعة المعارف في مصر سنة 1904م.
الجوهر الفرد أو الشعر العصري-فرغ من نظمه سنة 1887م، ولكنه لم ينشر إلا سنة 1904م.
سحر هاروت-طبع في دمشق سنة 1885م.
بدائع ماروت أو شهر في بيروت-طبع في بيروت سنة 1886م.
السحر الحلال-نشر بعضه في مجلة الشتاء سنة 1906م.
ثالثًا: في الأدب والاجتماع
الجن عند غير العرب.
حديقة السوسن-نشر في مجلة الضياء.
عكاظ في شؤون العرب قبل الإسلام.
الخالدات.
فلسفة الخيال.
نهضة الشعر.
مرآة الانقلاب.
رابعًا: في التاريخ
المسألة الشرقية (باللغة التركية).
خامسًا: في القصة والرواية
الانتقام العادل.
أشيل.
هند وعصام.
سادسًا: في الترجمة
اشترك مع ابن عمه حنّا العنحوري في تعريب الروايات المسرحية الفرنسية الأدبية كرواية (إنجلينا)، و(شقاء المحبين)، و(الأسرة المفتونة).
سابعًا: في المقالات
كتب الأستاذ العنحوري كثيرًا من المقالات في عدد من المجلات والجرائد؛
فمن المجلات: (الجنان)، و(المقتطف)، و(الهلال)، و(الضياء)، و(الجوائب المصرية)، و(المقتبس)، و(الثريا)، و(الآثار)، و(الظاهر)، و(الحديقة)، و(الزهراء)، و(الزهور).
ومن الجرائد: (الأهرام)، و(المصباح)، و(لسان الحال)، و(العصر الجديد)، و(البشير)، و(الأحوال)، و(دمشق الشام).
مصادر ترجمته
الأخبار المروّية في تاريخ الأسر الشرقية، الأديب والمؤرخ إسكندر معلوف.
أدباء في الذاكرة: سير ودراسات، عيسى فتوح، دار كيوان للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، ط1، 2004م.
أسرة العنحوري الدمشقية ريادة في الصحافة والأدب، سهيل الملاذي، مجلة العاديات، السنة الخامسة، العدد الثالث والرابع.
إضبارة الأستاذ سليم عنحوري المحفوظة في مجمع اللغة العربية بدمشق.
أعلام الأدب والفن (ج1)، أدهم الجندي، مطبعة مجلة صوت سورية، دمشق 1954م.
الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، 2002م.
أوراق فارس الخوري، تنسيق وتحقيق وتعليق الأديبة كوليت الخوري، وزارة الثقافة السورية، 2017م.
تاريخ الآداب العربية، الأب لويس شيخو، دار المشرق، 2010م.
تاريخ الصحافة العربية، فيليب دي طرازي، المطبعة الأدبية، بيروت، 1913م.
الحركة الأدبية في دمشق، الدكتور إسكندر لوقا، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2008م.
الدرس اللغوي في النصف الأول في القرن العشرين، ميمونة عوني، دار غيداء للنشر والتوزيع، ط1، 2016م.
سليم عنحوري دمشقي لا مصري، أيمن ذو الغنى، موقع الجزيرة.
سليم عنحوري: صاحب أول مجلة صدرت في سورية، فاتن دعبول، جريدة الثورة، العدد 15391، 2014م.
سليم عنحوري، موقع أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية.
كلمة لبانة مشوِّح في حفلة استقبالها تتحدث فيها عن سلفها سليم عنحوري، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، مج85، ج1، 2010م.
مجلة (المسَرَّة)، بيروت، السنة 11، الجزء 6 (حزيران 1925).
المجمعيون الأوائل في المجمع العلمي العربي بدمشق، مازن المبارك، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2015م.
المرحوم سليم بك العنحوري، عيسى إسكندر المعلوف، مجلة المسرَّة، السنة 19، الجزء 8، تشرين الأول 1933م.
معجم الأدباء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م، كامل سلمان جاسم الجبوري، دار الكتب العلمية، 2002م.
معجم الجرائد السورية (1865 - 1965م)، مهيار عدنان الملوحي، دار الأولى للنشر والتوزيع، دمشق، 2002م.
معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م، كامل سلمان جاسم الجبوري، دار الكتب العلمية، 2003م.
معجم المؤلفين السوريين في القرن العشرين، عبد القادر عياش، دار الفكر، دمشق، 1985م.
معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، مكتبة المثنى ودار إحياء التراث العربي، بيروت، 1957م.
معجم صور الشعراء بكلماتهم، أحمد العلاونة، مكتبة لبنان ناشرون، 2013م.
موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين (ج3)، سليمان سليم البواب، مؤسسة المنارة، دمشق، ط1، 2000م.
موسوعة الأسر الدمشقية، الدكتور محمد شريف عدنان الصوَّاف، بيت الحكمة، 2010م.
نشأته وحياته
ولد متري بن إبراهيم قندلفت في دمشق سنة 1859م. وكان أبوه صاحب معمل لصناعة الحرير، ويرغب في أن يرى ابنه إلى جانبه في المصنع، ولكن الولد لم يكد ينهي تحصيله الأولي حتى بدا متعطشًا للعلم والمعرفة، يصادق الكتب ليل نهار مفتشًا عن مصادر يتلقى العلم منها، فاستسلم أبوه لرغباته وساعده على الالتحاق ببعض المدارس الأهلية، وسمح له بحضور مجالس بعض شيوخ عصره من العلماء، فشبَّ الولد وهو يتقن العربية والتركية.
وفي سنة 1881م ترجم كتاب (طرق الأمان لـمُـحْدث الإيمان) للدكتور بويد أحد كبار الوعاظ الإنجيليين، وطَبَعَت الترجمةَ (مطبعةُ الأميركان) في بيروت، ووزَّعته على مختلف البعثات التبشيرية في أرجاء البلاد العربية، فلَمَعَ اسم قندلفت وأخذت المدارس الخاصة تكلّفه تدريسَ طلابها اللغة الإنكليزية والعلوم الاجتماعية، وكان يَقبل التكليف عاكفًا في أوقات فراغه على ترجمة الكتب.
وفي سنة 1914م كان متري قندلفت في جملة المفكرين العرب الذين أمر قائد الجيش العثماني في سورية بنفيهم مع أُسَرهم إلى بلاد الأناضول بحجة الحفاظ على أمن الجيش، ونجم عن هذا النفي المفاجئ ضياع المكتبة التي كان متري قندلفت اقتناها، وفقدان جميع أوراقه الخاصة والكتب التي أفنى زهرة شبابه في نقلها إلى العربية.
أقام قندلفت في مدينة طوقان في تركيا منفيًّا، فلما خمدت نيران الحرب العالمية الأولى عاد إلى دمشق، فعيَّنته الحكومة العربية أستاذًا في مدرسة التجهيز وفي دار المعلمين، يدرّس علم النفس والتربية والإنكليزية.
وفي سنة 1921م عُين مميِّزًا في معهد الحقوق العربي بدمشق، وبقي فيه سنوات قليلة أُحيل بعدها على التقاعد، فغادر دمشق إلى بيروت وأقام فيها عاكفًا على الترجمة والتأليف وتدوين مذكراته، متنقلًا بين لبنان ومصر، حتى وافته المنية في بيروت سنة 1933م وفيها دفن.
الأستاذ متري قندلفت المجمعي
عندما قررت الحكومة العربية إنشاء (ديوان المعارف) كان قندلفت في عداد أعضائه، لما عُرف عنه من تضلُّع من العربية وإتقان للترجمة إليها عن الإنكليزية، ثم كان عضوًا متفرغًا في المجمع العلمي العربي، وكان واحدًا من أعضاء المجمع العلمي العربي الأوائل الذين حضروا جلسته الأولى التي عقدت في المدرسة العادلية بتاريخ 30 تموز 1919م، واختير قندلفت في هذه الجلسة عضوًا في القسم اللغوي الأدبي للمجمع.
وفي سنة 1920م كُلّف الإشراف على طبع مجلة المجمع والتحرير فيها، وقد تقرر إصدارها بدءًا من عام 1921م، فقام بهذه المهمة وصدرت الأعداد الأولى من المجلة، وحرَّر فيها باب (آثار وأخبار) واصفًا فيه بعض العادِيات التي أدخلها المجمع في (دار الآثار العربية)، وكانت إدارتها جزءًا من عمله، مسجّلًا بعض الأخبار الهامة مثل الاحتفال بذكرى فقيد العربية الشيخ طاهر الجزائري. وكذلك عرَّف الأستاذ متري قندلفت بكتابين أُهديا إلى مكتبة المجمع: (الأخلاق والواجبات-1921م) و(العلم والعقل-1921م).
ألقى في ردهة المجمع محاضرة بعنوان (إحياء اللغة العربية) سنة 1921م.
وفي سنة 1921م عُين الأستاذ متري قندلفت بوظيفة مميِّز في معهد الحقوق العربي، وصار من هذا التاريخ من أعضاء المجمع العلمي العربي المراسلين حتى وافاه الأجل سنة 1933م.
آثار متري قندلفت
نُكبت آثار متري قندلفت مرتين؛ أما أولاهما فكانت من جنايات الحرب العالمية الأولى عندما نفي إلى الأناضول، وأما الثانية فكانت عند وفاته وحيدًا في بيروت حيث كانت ابنته الوحيدة في الولايات المتحدة تتابع دراستها في جامعة كولومبيا.
على أن من آثاره التي نجت من الفقدان كتابًا مطبوعًا ومخطوطتين؛ أما الكتاب فهو ترجمة لكتاب (المدرسة والاجتماع) للفيلسوف الأمريكي جون ديوي، طبع في دار المعارف في مصر سنة 1928م، وقرَّظه الأستاذ أمير بقطر أمين الجامعة الأمريكية في القاهرة في (المقتطف) سنة 1927م. وأما المخطوطتان؛ فأولاهما ترجمة لكتاب (مدرسة الغد) لجون ديوي، والأخرى ترجمة لكتاب (تربية الأطفال ومدارسهم) للمربية الإيطالية الشهيرة منتسوري.
نشر الأستاذ قندلفت 17 مقالًا في (مجلة المقتطف) في المدة (1900 - 1928م).
مصادر ترجمته
الأستاذ متري قندلفت، أيهم بطحوش، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2016م.
إضبارة الأستاذ متري قندلفت المحفوظة في مجمع اللغة العربية بدمشق.
الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، 2002م.
متري قندلفت، موقع أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية.
المجمع العلمي العربي- مجمع اللغة العربية بدمشق في خمسين عامًا، عدنان الخطيب، مطبعة الترقي، 1969م.
المجمعيون الأوائل في المجمع العلمي العربي بدمشق، مازن المبارك، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2015م.
معجم الأدباء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م، كامل سلمان جاسم الجبوري، دار الكتب العلمية، 2002م.
موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين (ج4)، سليمان سليم البواب، مؤسسة المنارة، دمشق، ط1، 2000م.
نشأته وحياته
ولد أنيس بن ناصيف سلوم في مدينة حمص سنة 1862م، وتلقى تعليمه الابتدائي فيها. وفي سنة 1869م انتقلت أسرته إلى مدينة حماة، وأخذ الصغير يتابع تلقف العلوم الابتدائية في بيته وعلى أبيه واعظ الكنيسة الإنجيلية. ولكن رغبته في متابعة تعليمه الثانوي، وظهور معالم النجابة فيه، دفعت أباه إلى إرساله إلى مدرسة (عُبَيَّة) في جبل لبنان سنة 1875م، وبدأ أنيس يتلقى فيها تعليمًا مدرسيًّا نظاميًّا استطاع معه أن يتقن علوم العربية ويلمَّ بمبادئ اللغة الإنكليزية، وتخرج سنة 1877م.
عاد أنيس سلوم إلى حماة معلّمًا في مدرسة ابتدائية كان أسَّسها والده، وكان إلى جانب التدريس يتابع تعلُّم الإنكليزية، استعدادًا للالتحاق بالكلية البروتستانتية السورية (الجامعة الأمريكية) في بيروت ليُتمَّ فيها دراسته، ولكن المنية داهمت أباه الواعظ الإنجيلي سنة 1879م، فحلَّ محلَّ أبيه في الوعظ، وصعد أنيس منبر الكنيسة يعظ أفراد الطائفة الإنجيلية وهو فتًى يافع، وظل يتابع الدراسة والتحصيل ويطَّلع على آداب اللغة العربية وتاريخها، ويجهد في حفظ سور من القرآن الكريم، حتى اشتهر بين الناس بالتضلع من علم اللغة، وبامتلاك ناصيتَي النظم والنثر والقدرة على الارتجال.
وفي سنة 1883م انتسب إلى مدرسةٍ في لبنان تُعلّم (اللاهوت) لزيادة حظّه من هذا العلم وتمهيدًا لاختياره راعيًا للكنيسة الإنجيلية في حماة، فلما عاد إليها، بعد سنة عُين راعيًا للكنيسة.
وفي سنة 1895م اضطر أنيس سلوم إلى مغادرة حماة تاركًا منصبه الديني لاجئًا إلى قرية في جبل لبنان، مبتعدًا عن مضايقة السلطات المحلية له. وفي هذه القرية تابع نشاطه في الحقلين الديني والأدبي. فلما كانت سنة 1897م دعته الطائفة الإنجيلية في دمشق إلى رعاية كنيستها، فانتقل إليها، ولم تمض عليه مدة حتى عرفته دمشق كلُّها خطيبًا جَهْوريَّ الصوت في المحافل السياسية والوطنية، ومتكلمًا يحسن الحديث في الندوات العلمية والأدبية، وواعظًا في الكنيسة.
وفي سنة 1909م انتخب أنيس سلوم نائبًا في المجلس العمومي لولاية سورية عن مدينة حماة، وتكرَّر انتخابه عدة مرات. وفي سنة 1916م نُفي أنيس سلوم مع المنفيين السياسيين إلى مدينة (توقات)، وظل منفيًّا إلى أن صدر عفو عام سنة 1918م، فعاد أنيس إلى دمشق راعيًا للكنيسة الإنجيلية، وخطيبًا ومحاضرًا في المحافل.
وفي سنة 1926م اعتلَّت صحته فخفَّ نشاطه ولازم بيته إلى أن وافاه الأجل يوم الثلاثاء في 30 جمادى الآخرة 1350هـ الموافق 10 كانون الأول 1931م، ودفن في دمشق.
الأستاذ أنيس سلوم المجمعي
عندما تألَّفت أول حكومة عربية في دمشق إثر جلاء الأتراك عنها سنة 1918م، كانت العناية بلغة الدواوين وتصحيح أساليب المراسلات الحكومية في طليعة المهام التي تطلعت الحكومة إلى القيام بها، وقد وجدت في الأستاذ أنيس سلوم خير من ينهض بهذه المهمة، فعهدت إليه بالإشراف على لغة الدواوين ومراقبة المراسلات الرسمية. فأخذ يجمع شباب الموظفين في غرفته بدار الحكومة، ويملي عليهم دروسًا في قواعد اللغة العربية وأصول الإنشاء ومبادئ البلاغة والبيان.
ثم اختير أنيس سلوم مع أربعة آخرين من العلماء لعضوية (الشعبة الأولى للترجمة والتأليف)، التي تحولت بتاريخ 12 شباط 1919م إلى (ديوان المعارف) نواة (المجمع العلمي العربي).
وقام الأستاذ أنيس سلوم مشاركًا زملاءه أعضاء المجمع العلمي المؤسّسين يعمل على تحقيق الأغراض التي أُنشئ المجمع من أجلها. وقد شغل نيابة رياسة المجمع في دورة 1923م، وأدار المجمع مدة غياب الأستاذ الرئيس كرد علي، وكان في مقدمة أعضاء المجمع حيوية ونشاطًا.
ألقى الأستاذ سلوم في ردهة المجمع خمس عشرة محاضرة؛ منها: (العلم-1921م)، و(العمل بالعلم-1921م)، و(الكتب والمطالعة-1922م)، و(من لا يكرم نفسه لا يكرم-1923م)، و(لكل امرئ من دهره ما تعودا-1923م)، و(تعزيز اللغة العربية-1923م)، و(الإرادة القوية-1923م)، و(الحياة السعيدة-1924م)، و(الحياة الاجتماعية-1924م)، و(الترتيب-1924م)، و(الشجاعة-1924م)، و(الاعتدال-1924م)، و(أسباب الفقر وعلاجه-1925م).
ونشر في مجلة المجمع 17 مقالًا في المدة (1922 - 1925م)، ضمَّن بعضها فوائد لغوية وعرَّف في سائرها بعشرة كتب.
وفي 4 حزيران 1925م قدم الأستاذ أنيس سلوم كتابًا إلى رئيس المجمع يستعفيه من وظيفته في المجمع.
من آثاره
ألَّف الأستاذ أنيس سلوم عدة كتب مختصرة (رسائل) في النحو والصرف والبيان والمنطق وعلم الاجتماع وعلم النفس والاقتصاد.
وجمع شاكر الدبس في كتابه (ذكرى أنيس سلوم) قصائد أنيس سلوم الشعرية ومقالاته النثرية وخلاصة أفكاره وما قيل في تأبينه.
مصادر ترجمته
إضبارة أنيس سلوم المحفوظة في مجمع اللغة العربية بدمشق.
أنيس سلوم، موقع أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية.
أنيس سلوم، موقع معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين.
الدرس اللغوي في النصف الأول في القرن العشرين، ميمونة عوني، دار غيداء للنشر والتوزيع، ط1، 2016م.
ذكرى أنيس سلوم، شاكر الدبس، مطبعة ابن زيدون، دمشق 1934م.
كلمة هاني رزق في حفلة استقباله يتحدث فيها عن سلفه أنيس سلوم، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، مج85، ج2، 2010م.
المجمع العلمي العربي- مجمع اللغة العربية بدمشق في خمسين عامًا، عدنان الخطيب، مطبعة الترقي، 1969م.
المجمعيون الأوائل في المجمع العلمي العربي بدمشق، مازن المبارك، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2015م.
معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، مكتبة المثنى ودار إحياء التراث العربي، بيروت، 1957م.
موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين (ج2)، سليمان سليم البواب، مؤسسة المنارة، دمشق، ط1، 2000م.
وجوه مضيئة في الأدب العربي الحديث، عيسى فتوح، دار كيوان للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، 2003م.
ترجمة الأستاذ أنيس سلوم في الموسوعة الحرة - ويكيبيديا بقلم الأستاذ أيمن ذو الغنى
نشأته وحياته
ولد مسعود بن أحمد بهائي الكواكبي في مدينة (حلب) في 28 كانون الثاني 1865م. تلقَّى علومه الأولية على يد والده وعلى بعض شيوخ عصره، فحفظ القرآن الكريم وقرأ علوم العربية والمنطق والفقه. ثم التحق بـ(المدرسة الرشدية) بحلب فتعلم التركية والفرنسية والرياضيات، ثم أكبَّ على المطالعة، وتعلَّم على مدرسين خصوصيين فأتقن الفرنسية والتركية، وحصَّل جانبًا من العلوم الحديثة كالطبيعيات والهندسة والجغرافيا والتاريخ، ثم درس فنون الخط في (المدرسة الحديثة).
وفي سنة 1880م عُين معاونَ محرِّر مقالات، ثم مترجمًا في (محكمة التجارة) سنة 1884م، ورُقّي إلى رئاسة الكتَّاب فيها سنة 1890م، وبقي فيها حتى سنة 1896م، وفي أثناء ذلك تولَّى الخطابة في جامع (أوغليك)، وكان الناس يُقبلون على خطبه وينتفعون بها لأنه كان يتكلَّم في كل جمعة عن موضوع اجتماعي مستمدٍّ من حياتهم.
وفي سنة 1901م عُين عضوًا في هيئة تدقيق المؤلفات في (نظارة المعارف).
وفي سنة 1908م انتُخب نائبًا عن حلب في (مجلس النواب العثماني)، وبعد سنة انتُخب نقيبًا لأشراف حلب.
وفي سنة 1918م عُين مديرًا لأوقاف حلب، لكنه استقال منها بعد واحد وعشرين يومًا.
وفي سنة 1921م عُين كاتمًا لأسرار الرئاسة في حكومة الاتحاد، ثم تقلَّد عضوية محكمة التمييز في دمشق سنة 1923م، وبقي في هذه الوظيفة إلى أن انفضَّت محكمة التمييز سنة 1929م، فعُين قاضيًا لحلب فأبى ولزم بيته.
توفي الشيخ مسعود الكواكبي يوم الخميس في 15 ربيع الآخر 1348هـ الموافق 19 أيلول 1929م، ودفن في دمشق.
الشيخ مسعود الكواكبي المجمعي
انتُخب الأستاذ الشيخ مسعود الكواكبي عضوًا عاملًا في المجمع العلمي العربي في الجلسة المنعقدة بتاريخ 23 آذار 1923م. ولما باشر عمله عُهد إليه النظر في الكتب التي ترد على المجمع، فنشر في مجلة المجمع في المدة (1923 - 1929م) تعريفًا لأكثر من أربعين كتابًا، إضافة إلى تقريظ بعض الكتب، ومقالات في النقد.
من آثاره
تفسير القرآن الكريم (كتبه بخط يده على هامش المصحف الذي كان يقرأ فيه).
خطب منبرية كان يخطبها في جامع (أوغليك).
ديوان شعر (نُشرت بعض قصائده ضمن كتاب "أعلام الأدب والفن" لأدهم الجندي، وكتاب "تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري" لمطيع الحافظ ونزار أباظة، وفي "مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، و"مجلة الاعتصام-حلب"، و"مجلة الفتح-القاهرة").
المولد المسعودي، طبع في بيروت سنة 1918م.
مصادر ترجمته
أدباء حلب ذوو الأثر في القرن التاسع عشر، قسطاكي الحمصي، المطبعة المارونية، حلب، 1925م.
الأستاذ مسعود الكواكبي، عدنان كاتبي، موقع رابطة العلماء السوريين.
إضبارة الأستاذ مسعود الكواكبي المحفوظة في مجمع اللغة العربية بدمشق.
أعلام الأدب والفن (ج2)، أدهم الجندي، مطبعة الاتحاد، دمشق، 1958م.
الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، 2002م.
تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري، محمد مطيع الحافظ ونزار أباظة، دار الفكر، دمشق، 1986م.
ترجمة السيد محمد مسعود الكواكبي، محمد راغب الطباخ، موقع رابطة العلماء السوريين، 2017م.
الدرس اللغوي في النصف الأول في القرن العشرين، ميمونة عوني، دار غيداء للنشر والتوزيع، ط1، 2016م.
الشاعر محمد مسعود الكواكبي، باسل عمر الحريري، موقع التاريخ السوري المعاصر.
العلامة السيد مسعود الكواكبي، محمد راغب الطباخ، مجلة المجمع العلمي العربي، مج10، ج1، 1930م.
مسعود الكواكبي، موقع أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية.
مسعود الكواكبي، موقع معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين.
معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م، كامل سلمان جاسم الجبوري، دار الكتب العلمية، 2003م.
معجم المؤلفين السوريين في القرن العشرين، عبد القادر عياش، دار الفكر، دمشق، 1985م.
معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، مكتبة المثنى ودار إحياء التراث العربي، بيروت، 1957م.
موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين (ج4)، سليمان سليم البواب، مؤسسة المنارة، دمشق، ط1، 2000م.
نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر، يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي، دار المعرفة، بيروت، ط1، 2006م.
نشأته وحياته
ولد سليم البخاري في دمشق سنة 1851م، وتلقى تعليمه الأولي في المدارس التحضيرية التركية. ثم أخذ علوم العربية والعلوم العقلية والعلوم الشرعية من علماء دمشق في زمنه كالشيخ محمد البرهاني وعمر العطار وعبد الغني الغنيمي، ولازم بعضهم كالمحدّث بدر الدين الحسني والشيخ طاهر الجزائري.
تولَّى منصب الإفتاء - على حداثة سِنّه - في الجيش العثماني، وظل على ذلك زهاء ربع قرن، فذاعت شهرته العلمية في بلاد الشام وبعض الأقطار المجاورة، واتصل بعدد من رجالات العلم كالشيخ محمد عبده، ورشيد رضا، ورحمة الله الهندي، وأحمد الدهان، وزيني دحلان.
كان البخاري من دعاة الإصلاح السياسي والديني، فانخرط في جمعية (تركيا الفتاة)، ثم انسحب منها سنة 1908م عندما تكشفت له حقيقة أمر القائمين عليها، وانتظم في (حزب الحرية والائتلاف) وصار رئيسًا لشعبة الحزب في دمشق، ثم انصرف عنه لما رأى فيه عجزًا وضعفًا، وأخذ يطالب بحقوق العرب المهضومة، فسجنه جمال باشا السفاح شهرين في دائرة الشرطة بذريعة مناوأة الحكومة التركية والتعصُّب للعرب، ثم نُفي هو وأسرته إلى الأناضول.
وفي سنة 1920م عاد البخاري إلى دمشق، وعُين في (مجلس الشورى)، ثم نُقل إلى (مجلس المعارف). وانتُخب الشيخ سليم البخاري رئيسًا لعلماء دمشق أيام فيصل.
وافاه الأجل في 10 جمادى الأولى 1347هـ الموافق 24 تشرين الأول سنة 1928م.
الشيخ سليم البخاري المجمعي
انتُخب الشيخ سليم البخاري عضوًا عاملًا في المجمع العلمي العربي في الجلسة المنعقدة بتاريخ 14 أيلول 1920م.
عمل مع الشيخ طاهر الجزائري ومحمد كرد علي على تأسيس المكتبات (ومنها المكتبة الظاهرية)، وتشجيع القرّاء والشباب على ارتيادها. وتسلَّم إدارة (المكتبة الظاهرية) بعد سعيد الكرمي.
من آثاره
رسالة في ترجمة القاضي قطب الدين الشيرازي.
رسالة (في آداب البحث والمناظرة).
كتاب (حل الرموز في عقائد الدروز)، مكتبة دار النصيحة، المدينة المنورة، ط1، 2014م.
الكلمات المعرَّبة لابن كمال باشا (تحقيق رسالة).
مصادر ترجمته
إضبارة الشيخ سليم البخاري المحفوظة في مجمع اللغة العربية بدمشق.
أعظم الأحداث المعاصرة (1900 - 2014م)، فؤاد صالح السيد، مكتبة حسن العصرية، بيروت، ط1، 2015م.
أعلام الأدب والفن (ج2)، أدهم الجندي، مطبعة الاتحاد، دمشق، 1958م.
الأعلام الشرقية في المئة الرابعة عشرة الهجرية، زكي محمد مجاهد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط2، 1994م.
أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث، أحمد تيمور، دار الآفاق العربية، 2003م.
الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، 2002م.
تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري، محمد مطيع الحافظ ونزار أباظة، دار الفكر، دمشق، 1986م.
خطط الشام، محمد كرد علي، مكتبة النوري، دمشق، 1983م.
العلامة سليم البخاري، محمد سعيد الباني، مجلة المجمع العلمي العربي، دمشق، مج9، ج12، 1929م.
كلمة عبد الناصر عساف في حفلة استقباله، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، مج90، ج3، 2018م.
معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، مكتبة المثنى ودار إحياء التراث العربي، بيروت، 1957م.
منتخبات التواريخ لدمشق، محمد آل تقي الدين الحصني، المطبعة الحديثة، دمشق، 1927م.
موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين (ج1)، سليمان سليم البواب، مؤسسة المنارة، دمشق، ط1، 2000م.
نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر، يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي، دار المعرفة، بيروت، ط1، 2006م.
وفاة العلَّامة الجليل الشيخ سليم البخاري، مجلة المنار، مصر، كانون الأول، 1928م.